وأوضح العاملون أن تضارب بيانات ونتائج هذه التقارير حول المعروض الذي سيدخل إلى السوق في الفترة المقبلة وتأثيره في عامل الطلب ونسب النمو أو التصحيح السعري يثبت عدم دقتها وشفافيتها، كما أنها لا تستند في الوقت ذاته الى قاعدة بيانات موحدة، إنما الى معلومات داخلية تخدم بالدرجة الأولى أجندة وأهدافا خاصة للجهات المصدرة لهذه التقارير التي تحاول رسم خط اتجاه لأداء السوق.
اختلفت المصادر حول الجهة الحكومية المعنية بالدرجة الأولى بتوفير قاعدة بيانات ثابتة حول معادلة العرض والطلب التي يعتمد عليها أغلبية المطورين والمستثمرين في رسم خريطة مستقبل القطاع في السنوات المقبلة، حيث رجحت جهة كفة «دائرة الأراضي والأملاك» كونها المعنية بتنظيم وضبط القطاع وتسجيل التصرفات وعقود البيع والتأجير وغيرها، فيما فضلت جهة أخرى تكليف «بلدية دبي» لاختصاصها بمنح تصاريح البناء وشهادات إنجاز المشاريع.
وطالبت المصادر أن تتبنى جهة حكومية رسمية إصدار تقرير فصلي كل ثلاثة أشهر يختص بتوضيح الأرقام والمعلومات المرتبطة بمعادلة العرض والطلب لتفنيد ودحض مزاعم شركات الاستشارات والوساطة العقارية الخاصة التي تتبنى أهدافا ومصالح داخلية بها فقط بعيداً عن تحقيق الصالح العام للقطاع العقاري برمته.
علي لوتاه: تحكيم العقل بالدرجة الأولى
قال علي راشد لوتاه، رئيس مجلس إدارة شركة نخيل العقارية: «إن تضارب واختلاف الأرقام والبيانات الصادرة عن شركات الاستشارات العقارية بشأن منحنى أداء السوق المحلي خلال الفترة المقبلة وتحديداً بشأن عدد الوحدات السكنية التي ستدخل القطاع تؤكد عدم شفافيتها وصدقها».
وأضاف لوتاه قائلاً: «إن غياب إحصاءات واضحة ودقيقة وثابتة بنفس الوقت سينعكس نسبياً بشكل سلبي على قرارات المشترين والمستخدمين النهائيين، كما سيدفع بحالة من الضبابية وعدم الوضوح أمام هذه الشريحة من أطراف صناعة العمل العقاري في سوق دبي».
وطالب لوتاه مختلف الأطراف التي تستند وتتأثر بتقارير شركات الاستشارات العقارية بالتأني وعدم التسرع والانجراف وراءها، وتحكيم العقل بالدرجة الأولى والعودة لأصحاب الخبرة والدراية في هذا القطاع من أصحاب السمعة الطيبة.
وأكد رئيس مجلس إدارة «نخيل» أن هذه التقارير والشركات المصدرة لها لا تتطلب وضع الضوابط والأنظمة من قبل الجهات الحكومية المعنية المتمثّلة بدائرة الأراضي والأملاك ومؤسسة التنظيم العقاري (ريرا)، مستنداً بذلك الى قاعدة السوق الحر والدور الذي يقع على الشرائح المستهدفة بهذه التقارير.
ماجدة علي راشد: يجب الاستناد إلى أرضية معلومات صلبة
دعت ماجدة علي راشد، مساعدة المدير العام، ورئيسة مركز تشجيع الاستثمار العقاري في «أراضي وأملاك دبي»، كافة الأطراف العاملة في السوق العقاري المحلي بالإمارة إلى الاستناد إلى قاعدة البيانات المتوافرة في الدائرة كجهة رسمية تعنى بتنظيم القطاع للحصول على المعلومات المطلوبة لرسم خططهم وتوجهاتهم المستقبلية المتعلقة بتنفيذ وتطوير المشاريع العقارية وعدم الانجراف وراء التقارير الصادرة من الشركات الخاصة التي اتسمت بتضارب نتائجها ما يثبت عدم اتسامها بالشفافية والدقة.
وأوضحت راشد أن إعداد الخطط المستقبلية لشركات التطوير العقاري وتنفيذ المشاريع الجديدة يجب أن يستند إلى أرضية صلبة ودراسات صحيحة مركزها «دائرة الأراضي والأملاك» في دبي التي تملك قاعدة بيانات ضخمة تتعلق بالتصرفات العقارية والتسجيل والتأجير والتثمين وغيرها من الخدمات الكثيرة.
وأشارت مساعدة المدير العام، ورئيسة مركز تشجيع الاستثمار العقاري في «أراضي وأملاك دبي»، إلى انه لا يمكن التحرك باتجاه إصدار تشريع قانوني أو لائحة تنظيمية او عقوبات على شركات الاستشارات العقارية الخاصة بشأن إصدار التقارير حول واقع وأداء القطاع في الوقت الراهن ومستقبله في السنوات المقبلة.
محمد المطوع: تبث التشويش والضبابية
أشار رجل الأعمال محمد عبد الرزاق المطوع، الرئيس التنفيذي ل«مجموعة الوليد الاستثمارية»، إلى أن التقارير المتضاربة من حيث الأرقام الصادرة عن شركات الاستشارات العقارية المختلفة تبث حالة من التشويش والضبابية في السوق المحلي. والسؤال الذي يطرح نفسه، من أين تحصل هذه الشركات على البيانات التي تعتمد عليها للتوصل إلى هذه النتائج، هل استندوا لقسم المباني والتراخيص التابع لبلدية دبي، وهنا نطالب المسؤولين في هذه الدائرة بإصدار تقرير شهري أو فصلي كل ثلاثة أشهر ليوضح الصورة الحقيقية عن عدد الوحدات السكنية التي ستدخل القطاع في الفترة المقبلة، وتكون في الوقت نفسه السلطة الحكومية الوحيدة المعنية في والمعتمدة لمنح تصاريح البناء والإنجاز وترقيم المباني.
وأضاف المطوع قائلاً: «إن التقرير الوحيد الذي يفترض الاستناد إليه والاعتماد عليه، وهو ما يغفل عنه الكثيرون، هو التقرير الواجب صدوره من قسم المباني والتراخيص التابع لبلدية دبي، المعني بإصدار شهادات الإنجاز للمباني والمشاريع وعدد الوحدات التي ستضيفها إلى السوق خلال المرحلة المقبلة، حيث إن كل مشروع مرتبط بموعد للإنجاز والتسليم مع وضع هامش تأخير يتراوح بين 6 أشهر وسنة كاملة لأسباب فنية وتعاقدية بين أطراف معادلة البناء».
وأوضح أيضاً أن «أراضي ودبي» و«التنظيم العقاري» وشركات التطوير ليست الجهات المعنية في توفير البيانات والأرقام المتعلقة بعدد الوحدات السكنية أو المساحات المكتبية والتجزئة التي ستنضم إلى المعروض في سوق عقارات دبي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن القطاع الخاص يشكل النسبة الأكبر من المشاريع المنجزة وقيد الإنشاء.
وقال المطوع: «إن الأرقام المختلفة عن بعضها بعضا التي نقرأها ونسمع عنها بين الحين والآخر من بعض شركات الاستشارات العقارية، والتي يتكلم بعضها عن 20 ألف وحدة ستدخل السوق قبل نهاية العام الجاري 2015، وهناك من يتوقع 25 ألفا، وطرف ثالث يتنبأ بين 8 و 10 آلاف، بعيدة جداً عن المنطق في ظل طفرة البناء التي يشهدها سوق دبي في الوقت الراهن».
ودعا الرئيس التنفيذي ل«مجموعة الوليد الاستثمارية» وسائل الإعلام المحلية المقروءة والمسموعة والمرئية أن تضع هذه التقارير المتضاربة والمغرضة والتي تحاول الإساءة إلى سمعة بيئتنا الاستثمارية العقارية ضمن الموضوعات الحمراء وحظرها عن النشر لما له من تأثير سلبي في مختلف أطراف صناعة العقار وتحديداً المستثمر والمستخدم النهائي من حيث اتخاذ القرار بالشراء.
زياد الشعار: لا تتحرى الدقة ولا تستند للواقع
قال زياد الشعار، المدير التنفيذي والعضو المنتدب في «داماك العقارية»، «إن الأرقام الصادرة عن تقارير لشركات أبحاث وتسويق عقارية في الدولة باتت تحمل الكثير من التناقض وعدم الدقة في البيانات التي تنشرها، مشيراً إلى أن أغلب هذه التقارير لا تتحرى الدقة ولا تستخدم مصادر ذات صلة حقيقية بالقطاع العقاري».
وأوضح «أن العديد من التقارير لا تذكر مصادر بياناتها، ولا تحدد المشروعات الرئيسية التي سيتم تسليمها في دبي خلال الفترة المعلن عنها في التقرير، إلا أنه ينشر إجمالي الأرقام في العموم، ولا يوثق ما ينشر من معلومات، على الرغم من أن دقة المعلومة هو الهدف الأول من الدراسات والأبحاث التي تقدم للسوق العقارية».
وأشار الشعار «الى أن هناك فروقات كبيرة في البيانات ذاتها إذا ما تمت مقارنتها بين تقارير مختلفة، على سبيل المثال بلغ فارق عدد الوحدات السكنية التي تم تسليمها خلال النصف الأول من عام 2015، لأكثر من 5000 وحدة بين تقريرين، وهو رقم يغير في معادلة العرض والطلب».
ولفت إلى أن أكبر شركتي عقارات في دبي وهما «داماك» و«إعمار»، واللتان تمثلان نحو 50% من السوق العقارية، أعلنتا أن تسليم الوحدات خلال عام 2015 لن يزيد على 3000 وحدة سكنية، فكيف يصل إجمالي الوحدات المتوقع تسليمها خلال العام الجاري 22000 وحدة. حيث سلمت «داماك» نحو 1511 وحدة خلال النصف الأول منها 999 وحدة فقط في دبي.
وبين العضو المنتدب في «داماك العقارية»، «أن من اللازم أن يكون هناك تفرقة بين التسليمات في مناطق التملك الحر وبقية المناطق، حيث إن التسليمات فقط في مناطق التملك الحر هي التي تؤثر في العرض والطلب في السوق العقارية».
وقال الشعار: «إن تضارب وارتباك الأرقام الخاصة بالسوق العقارية في دبي لا يصب في مصلحة القطاع، إذ يخلق حالة من التشويش على القرارات الاستثمارية للمشترين لا سيما غير المقيمين في الدولة، الأمر الذي يتطلب الرقابة والدقة حتى يتم رفد السوق ببيانات تساعد المشترين على اتخاذ قرارات صحيحة ومدروسة».
مهند الوادية: تنعكس سلباً على البيئة الاستثمارية العقارية
ذكر الخبير العقاري، مهند الوادية، المدير الإداري في شركة «هاربور العقارية»، وأستاذ محاضر معتمد وعضو في «كلية دبي العقارية»، أن التقارير العقارية الصادرة عن مصادر مختلفة كشركات الاستشارات والوساطة العقارية تأتي أغلبيتها باتجاه خدمة مصالح خاصة بهذه الجهات وتنفيذ أجندة معينة لها.
وأفاد الوادية أن هذه التقارير هي اجتهادات جيدة ولا بأس بها، لكن كثرتها وتضاربها من حيث النتائج تنعكس بشكل سلبي على البيئة الاستثمارية العقارية في السوق المحلي، لذلك تأتي «دائرة الأراضي والأملاك» في دبي على رأس الجهات الحكومية المعنية في ضبط وتنظيم هذه التقارير.
حالة من الإرباك وعدم التوازن
أكد المهندس فارس سعيد، رئيس مجلس إدارة «دايموند ديفلوبرز»، وعضو التجمع العقاري التابع ل«دائرة الأراضي والأملاك» في دبي أن تضارب التقارير الصادرة عن بعض شركات الاستشارات العقارية حول السوق المحلي في دبي يبعث إلى حالة من الإرباك وفقدان التوازن لدى أغلبية المستثمرين والمستخدمين النهائيين، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي في منحنى أداء السوق.
وأوضح سعيد أن تضارب التقارير العقارية ليست مشكلة حديثة، وإنما نواجه صناعة القطاع منذ أكثر من عقد من الزمن الأمر الذي بات يتطلب تحركا فوريا من قبل الجهات الحكومية المعنية بتنظيم وضبط السوق العقاري في إمارة دبي والمتمثلة ب«دائرة الأراضي الأملاك» و«مؤسسة التنظيم العقاري» (ريرا) من حيث وضع ضوابط ومعايير للتدقيق على هذه التقارير ومراجعتها قبل صدورها والموافقة عليها، ونقترح هنا تشكيل لجنه تحت مظلة الدائرة أو المؤسسة.
وتساءل سعيد عن الأسس والمعايير التي تعتمد عليها هذه الشركات في إصدار تقاريرها، وعلى ماذا تعتمد في نفس الوقت أيضا؟ وما الدوائر التي تستند إليها للحصول على قاعدة بياناتها للتوصل إلى نتائجها النهائية؟ ومن وجهة نظرنا أن تضارب النتائج هو دليل قاطع على عدم صحتها وأمانتها.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة «دايموند ديفلوبرز»: «إن النمو الذي تشهده دولة الإمارات ودبي خصوصاً يستند إلى النمو الذي تشهده المؤشرات الفعلية للاقتصاد الكلي المتمثلة بمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومساهمات القطاعات الرئيسية في هذا الناتج ونموه، إضافة إلى تدفق الاستثمارات ونمو السيولة، وزيادة الاستثمارات الحكومية في مشاريع البنى التحتية».