يوسف العربي (دبي) امتنع مطورو وملاك الوحدات السكنية في دبي عن تخفيض أسعار البيع بمشروعاتهم العقارية المكتملة، رغم هدوء التداولات، مستفيدين من ارتفاع العوائد الاستثمارية واستقرار نسبة الإشغال، بالإضافة إلى توقعاتهم بحدوث طفرة مستقبلية في الطلب في غضون الاثني عشر شهراً المقبلة. وقالوا: إن العائد على الاستثمار العقاري في دبي واصل ارتفاعه ليسجل 7% بقطاع المكاتب و8% للسكني، وصولاً إلى 12% وإلى 15% للمستودعات ومساكن العمال مطلع العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وأشاروا إلى أن شريحة كبيرة من ملاك العقارات في دبي يرفضون تخفيض أسعار البيع، ويفضلون الاحتفاظ بوحداتهم العقارية في الوقت الراهن، للاستفادة من هذه العوائد الإيجارية المرتفعة. واستمرت كبريات شركات تطوير عقاري في دبي، منها دبي إعمار ونخيل ودبي للعقارات وداماك، في طرح مشروعات جديدة وفق معدلات الأسعار المعتمدة في المشروعات السابقة دون تغيير. وقال إسماعيل الحمادي، المؤسس والمدير العام لمؤسسة «الرواد» لاستشارات تطوير المشاريع، إن شريحة من المشتريين تحاول ممارسة بعض الضغوط على الملاك ومطوري العقارات لتخفيض أسعار الوحدات العقارية بدعوى استقرار الطلب، مستندين في ذلك لبعض التقارير العقارية. وأضاف أن المطورين والملاك لم يخضعوا من جانبهم إلى مثل هذه الضغوط لعدة أسباب، والتي يأتي في مقدمتها احتفاظ السوق العقاري بدبي بمقومات النمو المستدام التي تضمن له تجديد الطلب على نحو مستمر، بالإضافة إلى تمتعهم بعوائد استثمارية قياسية تراوح بين 7 % إلى 15% حسب نوع المشروع، وهي عوائد لا يمكن تحقيقها في أي سوق عالمي آخر في الوقت الراهن. وأشار الحمادي إلى أن المستثمرين في قطاع المستودعات، على سبيل المثال، يحققون حالياً عوائد إيجارية تصل إلى 15% سنوياً، فيما تحقق الاستمارات في القطاعين المكتبي والسكني 7% و8% على التوالي. وأضاف أنه في ظل استمرار تدفق الإيرادات الإيجارية وتمتع شركات التطوير العقاري والملاك باحتياطات نقدية كبيرة تم تكوينها على مدار السنوات الماضية، فإنهم يفضلون الاحتفاظ بهذه العقارات وتأجيرها لحين تحقيق قفزات سعرية متوقعة مع اقتراب استضافة الإمارة للحدث العالمي إكسبو 2020. ووفق تقرير «دائرة الأراضي والأملاك في دبي»، بلغ إجمالي قيمة التصرفات العقارية في دبي 267 مليار درهم، خلال عام 2015، فيما بلغت قيمة المبايعات العقارية نحو 130 مليار درهم. وتفوقت منطقة «الخليج التجاري» على باقي المناطق من حيث تصرفات الوحدات العقارية بعدد 3212 صفقة قيمتها 4.95 مليار درهم، تلتها منطقة «الحبيه الرابعة» بعدد صفقات قدره 3080 (2.57 مليار درهم)، في حين جاءت منطقة مرسى دبي (مارينا) ثالثاً مع صفقات بلغ عددها 3056، وقيمتها 6,24 مليار درهم. واعتبرت دائرة الأراضي والأملاك أن محافظة سوق العقارات في دبي على هذا الزخم لأعوام طويلة حتى الآن يدل على الجاذبية التي يتمتع بها، وقدرته المتواصلة على استقطاب المستثمرين من شتى أنحاء العالم، ما يعني أنه لا يزال من المرجح المحافظة على النمو المستدام لأعوام أخرى مقبلة. ومن جانبه، قال محمد تركي، مدير العقارات بشركة الوليد للعقارات ،التي تنشط في مجال بيع تطوير العقارات وبيعها وتأجيرها، إن الانخفاض في أسعار بيع العقارات لا يزال «ورقياً»، أي أنه لم يترجم على أرض الواقع في ظل صمود الملاك والمطورين وامتناعهم عن البيع بأسعار منخفضة. وقال تركي: إن الملاك لا يجدون أنفسهم مضطرين لبيع الوحدات السكنية أو التجارية المكتملة في الوقت الراهن بأسعار منخفضة، لاسيما في ظل استقرار العوائد الإيجارية عند مستويات مرتفعة ووصول نسبة الإشغال إلى معدلات قياسية تتراوح بين 92% و98%. وأوضح أن ملاك العقارات يستفيدون حالياً من عوائد سنوية على استثماراتهم في دبي تتراوح بين 6 و8% للقطاعين السكني والتجاري، لذلك فإن الاحتفاظ بهذه الوحدات والاستفادة من هذه العوائد التي لا تتوافر في أسواق عالمية أخرى، مثل لندن ونيويورك وسنغافورة، هو الأقرب إلى مصلحة الملاك. وارتفع العائد السنوي على الاستثمار العقاري بالدولة بشكل تدريجي خلال عامين، ليتراوح بين 8 و12% خلال النصف الأول من الحالي، مقابل 3% و6% خلال الفترة المماثلة من العام 2011. ويعتبر تحديد العائد على الاستثمار العقاري من الأمور الرئيسية لأي مستثمر، ويتم احتسابه من خلال احتساب نسبة إجمالي الحصيلة الصافية من الإيجارات، مقارنة بتكلفة البناء أو شراء العقار. وأضاف أنه في مقابل ذلك فإن مطوري العقارات يتمتعون بمستويات مقبولة من الطلب على مشروعاتهم، كما أن لديهم احتياطات نقدية كبيرة تم تكوينها على مدار سنوات، والأهم من ذلك أن شركات التطوير تؤمن بأن أسعار العقارات ستمضي إلى ارتفاع مطرد على مدار السنوات المقبلة، ما يدفعهم مجتمعين- ودون اتفاق- إلى تثبيت الأسعار وعدم تخفيضها. وتوقع تركي أن يحافظ السوق العقاري في دبي خلال لمرحلة المقبلة على مقومات النمو وقدرته على توليد الطلب، من دون حدوث انخفاضات كبيرة في أسعار البيع والإيجار، لاسيما في ظل الأداء القوي للقطاعات الاقتصادية في الدولة ومواصلة الشركات عمليات التوسع والتوظيف. العوائد المرتفعة تقوي موقف الملاك دبي (الاتحاد) أكد مهند الوادية، المدير الإداري لشركة «هاربو» العقارية والمحاضر بكلية دبي العقارية التابعة لدائرة الأراضي والأملاك، إن العوائد الإيجارية المرتفعة على الاستثمار العقاري في دبي تقوي موقف الملاك وتدفعهم للاحتفاظ بالوحدات المكتملة. وقال إن المستثمر العقاري في دبي بات أكثر نضجا وإدراكا بأهمية الاستثمار بالقطاع بطريقة الاستثمار طويل الأجل لذلك يلجا للاحتفاظ بالوحدة العقارية والاستفادة من عوائدها الإيجارية لحين ارتفاع الأسعار. وأوضح أن بعض التقارير العقارية التي تتحدث عن انخفاضات في معدلات الأسعار تستند في ذلك إلى مقارنات غير مقبولة لا تراعي نوع المشروع وموقعة، حيث اتجهت معظم الشركات العقارية في الدولة خلال الفترة الأخيرة إلى تطوير مشروعات جديدة في مناطق عمرانية جديدة بهدف توجيه هذه المشروعات لمتوسطي الدخل. وأضاف «دخول هذا النوع من المشروعات انخفض المعدل العام لأسعار العقارات وهو ما يعد أمرا طبيعيا ومتوقعا ولا يعني حدوث انخفاض حقيقي في المشروعات التي تتمتع بمعايير جيدة». لا تخفيضات في أسعار العقارات القائمة دبي (الاتحاد) أكد خالد بن كلبان، رئيس مجلس إدارة شركة الاتحاد العقارية، أن المطورين العقاريين في الدولة يتمتعون بسجلات حافلة مليئة بالإنجازات، مشيرا إلى أن الخبرات العريضة التي تكونت مع هذه النجاحات منحتهم الثقة في قدرة السوق المحلية استعادة النمو والانتعاش خلال دورات اقتصادية قصيرة. وأشار بن كلبان إلى أن تخفيض أسعار العقارات المطروحة للبيع يعد أسهل وسيلة وسيلة للمنافسة ورفع الحصة السوقية للشركة العقارية، إلا أن تداعيات هذه الممارسات وتأثيراتها على السوق تكون سلبية للغاية. وأضاف: إن المراقب للسوق العقارية في الدولة يجد أن المطورين العقاريين لم يخفضوا أسعار العقارات المكتملة فيما تنحصر انخفاضات المشروعات قيد التنفيذ في حدو 5% في إطار صفقات قوية للبيع تشمل عدد معين من الوحدات. وقال: إن الظروف المالية تختلف من مطور إلى آخر إلا أن الاكتفاء بمستويات الطلب الراهنة دون إجراء أية تخفيضات لاتزال الصفة الأعم، وذلك انطلاقا من إيمانهم بقدرة السوق على معاودة الانتعاش قريباً