وداعاً 2015…أهلاً 2016

ها هو عام 2015 يقترب من نهايته، وفي واقع الحال فقد انتهى عام 2015 قبل عدة أشهر، حيث بدأت عملية التخطيط للعام الجديد في الربع الثالث من عامنا هذا إذا استثنينا بعض الشكليات المتبقية فلقد أصبح عام 2015 من الماضي.

ما الذي سنتذكره من عام 2015 .حسناً، لن ننسى جميعاً أهم العناوين التي تصدرت مختلف وسائل الاعلام وأشارت طوال الوقت إلى حقيقة وجود حركة تصحيحية في قطاع العقارات.
وبالنسبة لأولئك الذين يمتلكون وجهة نظر تكتيكية وأقل استراتيجية وذات مدى قصير، فسوف ينظرون إلى عام 2015 من عدسة ضيقة وسلبية ولكن بالنسبة لأولئك الذين يتمتعون بوجهة نظر طويلة الأمد فسوف ينظرون إليه على أنه عام التخلص من العديد من القضايا النسقية والتصدي للاختلالات في الأسواق الاساسية وتطبيق التعديلات الضرورية للتعامل مع تأثيرات القضايا الخارجية على أداء سير اسواق العقارات نفسها.

سنتذكر 2015 على أنه العام الذي شهد مساهمة وتأثير أنظمة الرهن العقاري والمطبقة من جانب «المصرف المركزي» والزيادة في رسوم التسجيل من جانب «دائرة أراضي دبي» في تهدئة اسواق العقارات.

وسنتذكر 2015 أيضا على أنه العام الذي شهد لجوء المطورين العقاريين إلى «سلة الأفكار» وذلك لخلق عدد لا يحصى من مختلف مخططات الدفع السهلة التي لا تمنح فقط العملاء المحتملين طريقة مباشرة وسهلة للعقارات التي ما زالت قيد الانشاء ولكن أيضاً ساعدت في التأسيس لقيم جديدة للعقارات الجاهزة أيضاً.

لقد شهد عام 2015 عدداً كبيراً من المشاريع التي اطلقت وكل منها يساهم في زيادة مستويات السيولة وبالتالي زيادة الأسعار على المستوى الإجمالي لسوق العقار.

وقد عمل كل مشروع تم إطلاقه على زيادة التنافسية بالنسبة للمستثمرين في الدرهم الإماراتي الذي شهد تصاعداً وتحسناً أدى إلى انخفاض تدريجي في أسعار الوحدات غير الجاهزة والذي بدوره أدى لوضع معادلة المخاطرة أكثر قبولا بالنسبة للوحدات غير الجاهزة مقارنة مع الوحدات الجاهزة.

علاوة على ذلك، إن التغير في تركيز المطورين عند استجابتهم للطلب على مزيد من الوحدات السكنية ذات التكلفة الميسورة يعني أيضا أن المستثمرين قد انجذبوا لهذا وربما كان هذا أهم تصحيح هيكلي في السوق حتى هذه اللحظة.

وما سبق يعني أن 2015 سيتم تذكره على أنه العام الذي شهد اهتماماً جدياً من السوق حول بناء العقارات التي تتصف بكونها في متناول غالبية الجميع وذلك يرجع بالتحديد إلى النمو السريع في أسعار العقارات في السنوات السابقة، وارتفاع قيمة الدرهم الإماراتي بشكل متسارع مقابل معظم العملات الأخرى نظرا للعديد من القضايا الجيوسياسية في روسيا، وتخزين الكثير من السلع (بما في ذلك النفط بالطبع)، والتسهيلات الكمية غير المسبوقة في أوروبا، وعمليات إعادة تقييم قيمة اليوان الصيني المفاجئة بالإضافة إلى فرض القيود على رأس المال، والموضوع الذي حظي باهتمام الجميع وهو موضوع رفع سعر الفائدة لأعلى مستوى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

ومع تباطؤ النمو العالمي والتشكيك بانتعاش الاقتصاد في جميع انحاء العالم باستثناء الولايات المتحدة الامريكية، فقد واجهت دبي الواقع ببساطة وهي أنها مكلفة جدا للمقيمين فيها وكذلك الحال بالنسبة لقطاع الأعمال.

إن التكاليف المرتبطة بالحصول على عقار أو امتلاكه أو إدارته يلعب دوراً كبيراً في تحديد الجدوى المالية لكل من الأفراد وقطاعات الأعمال في هذه الإمارة.
ولكننا سنتذكر 2015 أيضاً على أنه العام الذي كان ضروريا للنمو المتوقع للعام القادم 2016.
إن التصحيح في الأسعار الذي كان جزءاً من 2015 في دبي سيعاود الارتفاع في بداية العام وذلك قبل أن يبدأ السوق بإعادة معايرة نفسه.

إن النمو السكاني سيؤدي للمزيد من الطلب، وببساطة يمكننا القول بأن دبي بحاجة للأشخاص القادرين والمؤهلين لدعم اقتصاد من المتوقع نموه بمعدل يتراوح بين 4 و 5% سنوياً حتى نهاية عقدنا هذا ولكي يتمكن من تحقيق المبادرات والمشاريع مثل معرض «إكسبو الدولي 2020» الذي من المتوقع أن يوفر 270,000 وظيفة إضافية وزيادة الطلب على الوحدات السكنية والمرافق التجارية والتي لا تتوفر حالياً.

إن التخطيط الحالي للمدينة يستوعب عدد الأشخاص المقيمين بالإمارة التي ستشهد نموا بمعدل 3.4 مليون شخص بحلول عام 2020 ما يشكل زيادة تبلغ 7% سنويا مقارنة مع التعداد الحالي البالغ 2.25 مليون شخص.

ليس هنالك أدنى شك بأن التقلب في الأسواق لعام 2015 سيؤدي لسوق عقار أكثر استقراراً وسيوفر منصة أفضل لفترة ستشهد نشاطا اقتصاديا وتجاريا خلال السنوات الخمس أو السبع المقبلة.
إن من شأن التحول الإنشائي نحو الوحدات السكنية ذات التكلفة الميسورة أن يعمل على استيعاب النمو السكاني المتسارع والمتوقع والمرتبط بحلول «اكسبو 2020» وأن يعمل أيضا كعامل مهم في تطوير وتعزيز اقتصاد دبي بشكل عام.
كما ويحتاج أي اقتصاد ناشئ إلى تطوير طبقة متوسطة قوية حيث أن توسعها يعتبر حيويا لنمو اقتصاد مستدام ولتعزيز المرونة في مجابهة الاختلالات والصدمات الاقتصادية والمالية الخارجية.

علاوة على ذلك، ولكي تتمكن دبي من المنافسة بشكل فعال على مستوى إقليمي وعالمي، فهي بحاجة لأن تضمن أن تكلفة المباشرة بمختلف نشاطات الأعمال في الإمارة لن تضعها بموقف الجهة المستبعدة عندما يدرس رواد الأعمال أو الشركات مختلف الخيارات والبدائل لأعمالهم.

بمجرد تبنينا لوجهة النظر هذه، فإن 2015 سيعتبر في طليعة المرحلة القادمة من النمو في دبي ولن يتم تذكر هذا العام على أنه عام الركود أو الكساد ولكنه العام الذي وضع الأساسات لما قد يعتبر العقد الأكثر ازدهاراً في تاريخ إمارة دبي حتى يومنا هذا.

*المدير التنفيذي لشركة «هاربور العقارية

http://www.alkhaleej.ae/analyzesandopinions/page/eeadfd82-7809-4315-8476-4cfd6af01d27

Leave a Reply