مهند الوادية المدير الإداري في “هاربور” في حوار مع “الخليج”
مواقع القوة تتغير في السوق العقاري لصالح المشترين
أوضح مهند الوادية، المدير الإداري في شركة “هاربور” للوساطة العقارية، أن السوق العقاري شهد في الفترة الماضية تغيراً دراماتيكياً مهماً من حيث مواقع القوة بين طرفي معادلة البيع والشراء وتأثيرهما في العملية الديناميكية للقطاع، ففي الوقت الذي كانت فيه الكلمة الأولى للبائعين والمطورين من مواقعهم القيادية، إلا أن السيناريو اختلف الآن لتتحول كفة الميزان لصالح المشترين الذين أصبحوا أكثر دراية وعلماً ووعياً للقيمة المرادة مقابل المبلغ المدفوع، وأصبحت توقعاتهم من شركات الوساطة والوسطاء العقاريين أعلى من أي وقت مضى.
وأضاف الوادية في حوار مع “الخليج”، أن عدد شركات الوساطة العقارية والوسطاء غير المرخصين قد تقلص بشكل كبير وذلك لعدم قدرتهم على مواصلة عملياتهم في ظل الأزمة. ولقد تعلمت الشركات والمؤسسات والحكومات العديد من الدروس القيمة خلال الأشهر 12 – 14 الماضية، والتي تتعلق بوضع خطط العمل، وخدمة العملاء، والإدارة المالية وتنمية الموارد البشرية.
وسيتميز العام 2010 بالنضج والتركيز، فالشركات العقارية بشكل عام وشركات الوساطة بشكل خاص التي استطاعت أن تصمد في وجه الأزمة الاقتصادية ستصبح أكثر حكمة وقوة وتركيزاً كما ستتوفر لها المزيد من الفرص التي يمكن انتهازها، بينما تستمر الاقتصادات العالمية والمحلية بالانتعاش.
وفي ما يأتي نص الحوار:
* كيف تقيّمون الوضع العام لقطاع الوساطة العقارية في السوق المحلي؟
بالرغم من السيل الهائل من المقالات والآراء التي تتوقع مدى سوء الحالة الاقتصادية وتهولها، بالإضافة إلى تلك التي تعلن عن تدهور أسعار العقارات وارتفاع خسائر المطورين والمستثمرين بالأضعاف، لم يعط الإعلام اهتماماً كافياً لوضع قطاع الوساطة العقارية الحالي، أو للعدد القليل المتبقي من شركات الوساطة العقارية والتي لا تزال صامدة في وجه الأزمة الاقتصادية”.
وشهدنا ما قبل العام 2009 دخول العديد من الأشخاص من خلفيات وخبرات مختلفة إلى قطاع الوساطة العقارية، وذلك بسبب ما قدمه القطاع من عمولات سهلة ومغرية. ولا بأس بذلك، فليس خطأ أن تكون لدى الشخص الرغبة في تحسين مكانته المادية أو الاجتماعية (بصورة قانونية طبعا)، ولكن العديد منهم ظن أن مهاراتهم الشخصية أكثر من كافية لتحقيق النتائج المطلوبة”.
وشهد العام ،2009 تقلص عدد شركات الوساطة العقارية والوسطاء العقاريين غير المرخصين بشكل كبير وذلك لعدم قدرة الوسطاء العقاريين وشركات الوساطة الضعيفة على أن تواصل عملياتها في ظل الأزمة. ولقد تعلمت الشركات والمؤسسات والحكومات العديد من الدروس القيمة خلال الأشهر 12 – 14 الماضية، والتي تتعلق بوضع خطط العمل، وخدمة العملاء، والإدارة المالية وتنمية الموارد البشرية.
وسيتميز العام 2010 بالنضج والتركيز، فشركات الوساطة العقارية التي استطاعت أن تصمد في وجه الأزمة الاقتصادية ستصبح أكثر حكمة وقوة وتركيزاً كما ستتوفر لها المزيد من الفرص التي يمكن انتهازها، بينما تستمر الاقتصادات العالمية والمحلية بالانتعاش. ونحن في “هاربور” نعتقد أنه إذا ما سارت الأمور بشكل مختلف، وتبنت الشركات فلسفة تتمحور حول خدمة العملاء واتبعت نهجاً مبنياً على حقائق مثبتة، بالإضافة إلى وضعها أهدافاً وقيماً مستمدة من تقييمات موضوعية، فسيصبح توافر فرص النجاح والتطور في قطاع العقارات في الإمارات أمراً مؤكداً.
* هل وصل قطاع الوساطة العقارية إلى المستوى الذي يمكنه من المنافسة على الصعيد العالمي؟
بينما ينضج سوق العقارات في الإمارات خلال الأزمة الاقتصادية الأولى في تاريخه، ستتغير طبيعة بيع وشراء العقارات بشكل غير رجعي وستظهر معها العديد من الاتجاهات الجديدة في القطاع، منها، عدم رضا الزبائن عن مستوى الخدمات التي يقدمها الوسطاء العقاريون. فوفقاً لدراسة حديثة أجراها فريق “هاربور” للوساطة العقارية، تبين أن 61% من المستهلكين الذين اشتروا عقارات خلال العامين الماضيين عبروا عن استيائهم من أداء الوسطاء العقاريين والخدمات التي يقدمونها، وأن ما نشهده هو مؤشر إلى أن الوسطاء العقاريين بحاجة إلى تحسين مستويات الخدمة ليتمكنوا من الصمود خلال وبعد الأزمة الاقتصادية. ويبدو أن الحلقة الأضعف هي النقص في مستوى الكفاءة الاستشارية الفعّالة القائمة على أسس المعرفة السليمة في السوق العقارية وفهم متطلبات المشترين.
والمشترون اليوم لهم حرية الاختيار ولديهم خبرة أكثر في السوق، وهم يطلبون النصيحة من المهنيين الذين بإمكانهم الوثوق بهم، ولكن للأسف، وفي معظم الحالات، يجد المشترون أنفسهم في مواقف مخيبة للآمال، حيث إن عدم الثقة يولد العديد من التحديات أمام الوسطاء العقاريين، ومن أهمها: عدم منح المشتري الوسيط العقاري الحقوق الحصرية لبيع أو تأجير العقار، طرح المشترين العديد من التساؤلات حول العمولة القانونية التي يستحقها الوسيط، بالإضافة إلى الانطباعات والأحكام السلبية المسبقة والتي تؤثر في العلاقة بين العميل والوسيط العقاري.
ولكن الخبر الجيد هو وجود هيكل قانوني ينظم عمل مهنة الوساطة العقارية والذي يتم تطويره بشكل دائم من قبل السلطات المختصة، التي بدورها تمارس الضغط على شركات الوساطة التي لا تزال تتكاسل في تحسين مستوياتها. وإن الدور الذي تلعبه الهيئات المختصة مهم جداً في رفع مستوى ممارسات القطاع وسمعته لتصل إلى المستويات العالمية.
* ما جوانب القوة والضعف في قطاع الوساطة العقارية؟
إن مصدر القلق الرئيسي لقطاع الوساطة العقارية هو أن المشكلات والآثار السلبية التي برزت خلال مرحلة الطفرة لم تؤثر في الوسطاء العقاريين غير القانونيين والسيئين فقط، بل أثرت في مهنة الوساطة العقارية وسمعة القطاع ككل. ولا يزال لدى العديد من الناس نظرة سيئة تجاه الوسطاء العقاريين وسيلزم الكثير من الجهد والعمل الجاد والالتزام لعكس هذه الصورة.
* ما أبرز التحديات التي تواجه شركات الوساطة العقارية والعاملين فيها؟
كان قطاع العقارات في السابق قطاعاً يتحكم فيه البائعون، ولكن السيناريو يختلف جذرياً في بيئة اليوم، فقد أصبح المشترون أكثر دراية وعلماً ووعياً للقيمة المقدمة وأكثر تطلباً للحصول على القيمة المرادة مقابل المبلغ المدفوع، وأصبحت توقعاتهم من شركات الوساطة والوسطاء العقاريين أعلى من أي وقت مضى. باختصار، إنهم يبحثون عن خدمة عملاء أفضل وأكثر فاعلية من حيث المضمون والنتائج، فعلى الوسطاء العقاريين الآن العمل بجد وبذل المزيد من الوقت والجهد لإعادة كسب ثقة المشترين والبائعين، وعليهم الإدراك أن النجاح الحقيقي والمستدام يأتي من العملاء الأوفياء.
* ما أهم مطالب القطاع من حيث القوانين والتشريعات والأمور التنظيمية؟
قطعت دبي شوطاً طويلاً في ما يتعلق بتنظيم قطاع العقارات. وفي حين أن الجهود الرامية إلى حماية الحقوق، ورفع المعايير المهنية ووضع إطار عمل شفاف وموثوق به تستحق الثناء، لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه قبل أن يصل القطاع إلى مراحل النضج الأخيرة. ويعد نظام تصنيف الوسطاء العقاريين الذي قدم مؤخراً، والتعاون بين “مؤسسة التنظيم العقاري” و”وزارة العمل” لتصنيف مهنة الوساطة العقارية كفئة منفصلة، وبرامج التدريب المستمرة والتطوير المهني التي يقدمها معهد “كلية دبي العقارية” خطوات مهمة نحو الاتجاه الصحيح. ولكن، لن تحقق الجهود التي تبذلها “مؤسسة التنظيم العقاري” الأثر المطلوب ما لم تتبن شركات الوساطة العقارية “الواقع الجديد” للقطاع وتتبنى أيضاً منهجاً جديداً يتماشى مع التغيرات التي يشهدها القطاع العقاري وقطاع الوساطة العقارية.
كما أن ما مر به القطاع كان لمصلحته، فقطاع العقارات في الإمارات سيصبح أكثر قوة وحكمة وتنظيماً نتيجة لسلسلة الأحداث التي وقعت منذ بداية الأزمة، بالإشارة إلى أن خدمة العملاء هي المفتاح الرئيسي لنجاح مقدمي خدمات الوساطة العقارية، وهو العامل الذي يحدد نجاح أو فشل أي شركة. وذلك لأن جميع العمليات التجارية، وأقسام التسويق والمبيعات والتأجير والبيع والأرباح والعوائد تعتمد كلياً على العملاء.