تخصيص 40% من الدخل لسداد دفعات الرهن العقاري
التخطيط المالي الحذر والواقعي العامل الأهم لشراء منزل الأحلام
دبي_ملحم الزبيدي:
كشفت دراسة حديثة لشركة “هاربور العقارية”، أن التخطيط المالي الحذر المبني على الواقعية والصدق مع النفس هو العامل الأهم عند البدء بالتفكير لشراء منزل الأحلام على الرغم من إجراءات التصحيح الراهنة في السوق، والفرص الثمينة المتاحة، وتوفر التمويل بتكلفة رخيصة.
وأشارت الدراسة التي أصدرتها مؤخرا شركة “هاربور” إلى أن النسبة الأفضل للاقتطاع من الدخل الشهري لسداد دفعات الرهن العقاري يجب أن لا تتجاوز 40% لتحقيق الهدف المرجو بامتلاك منزل العمر دون الوقوع في مشاكل التعثر المالي مستقبلا والذي قد تنتج عنه تحديات وخلافات مع الطرف البائع والغير محبذة.
وأيدت الدراسة أنه مع دخول السوق العقاري المحلي في دبي، قد حان الوقت للتفكير في استغلال الفرص الثمينة التي بدأت بالظهور والاستفادة من تراكم رأس المال المتوقع أن يستمر لفترة من الزمن تمتد من 5 إلى 7 سنوات.
وأوضحت أن الخطوة الأولى للأفراد الذين لا يملكون النقد الفوري للشراء هي تنظيم رهن عقاري لمنازلهم. فمن الأفضل أن تتوفر القدرة على تقديم عرض لشراء منزل مع وجود رهن عقاري قائم بدلاً من توقع ترتيب الرهن أثناء خوض غمار عملية التفاوض.
إذن، ما هي الطريقة المثلى لاختيار الرهن العقاري المناسب؟
أولاً، علينا أن ننظر إلى أحوالنا الاقتصادية خلال العامين المقبلين على الأقل، ونطرح على أنفسنا السؤال التالي: “بالنظر إلى الدخل المتوقع ونمط الحياة المنشود، كم يبلغ مقدار دفعة الرهن العقاري التي نستطيع تحملها خلال السنتين المقبلتين؟”.
لماذا نركز على فترة سنتين؟ … لأن غالبية أسعار الفائدة على الرهون العقارية ثابتة حالياً لمدة عامين، وبعد ذلك من المتوقع أن ترتفع هذه الأسعار لأن الرهن يخضع حينئذ لمعدلات متغيرة بدلاً من المعدل الحالي الثابت.
ثانيا، تقدير الدخل المتوقع. وهنا يجب أن نكون واقعيين. كلنا نأمل في التقدم بسرعة في مساراتنا الوظيفية (والمالية بالطبع) لكن غالبية الناس يتعرضون لخيبة الأمل في هذا الصدد والقليل منهم ينعمون بالنجاح. وبالرغم مما ورد في التقارير حول زيادة رواتب العاملين في دبي بنسبة 5% خلال عام 2015، تدل التجارب على أن زيادات الرواتب إنما تترافق مع زيادة في تكاليف المعيشة بحيث يتوجب اتخاذ منهج متحفظ في تقدير التدفقات النقدية المستقبلية.
وهذا يحيلنا إلى دراسة مسار ونمط المعيشة في السنوات القليلة المقبلة، مثل، هل هناك نية لإنجاب طفل جديد في المستقبل القريب؟ ….أو ربما شراء سيارة جديدة؟ أو كيف ستؤثر الأحداث العائلية الهامة أو التطورات في نمط المعيشة على الدخل المتاح للإنفاق؟ هل لديك أطفال سيدخلون المدرسة خلال الفترة الزمنية المذكورة؟ سوف يكون لجميع هذه الأحداث أثر على الدخل المتاح للإنفاق، وهذا سوف يضعف المرونة المالية اللازمة لامتصاص صدمات أسعار الفائدة.
وأخيراً، فإن الخطة المجدية من الناحية المالية قد لا تكون مقبولة لمن يرغب بالشراء أو لدى شريكة حياته. والأسئلة المطروحة التي يجب الإجابة عليها هنا، ما مدى الاستعداد للتضحية في سبيل سداد أقساط الرهن العقاري؟ ما هي الأمور التي نستطيع التخلي عنها وما هي التغييرات التي يمكن أن نجريها على نمط حياتك؟ من جديد، وهنا لا بد من أن نوظف الصادق مع أنفسنا.
وبمجرد اختيار طريقة السداد والتقيد بها، حسب دراسة “هاربور” فإن الأمر يتعلق بتحديد مبلغ الرهن الذي يمكننا لالتزام بسداده. وهذا يتحدد وفق معدل القرض إلى القيمة الذي يمكن أن نقبل به، وقيمة المدخرات النقدية التي نستعد لدفعها مقابل العقار، ومدة القرض وسعر الفائدة المتوقع دفعه في البداية وفي المستقبل بعد ذلك.
عند اللجوء إلى مختصي شركات الرهن العقاري، سوف يقدمون المساعدة على تقييم نوع الرهن العقاري الأفضل من خلال تقييم عدد من العوامل المحددة مثل الديون الأخرى (ومنها البطاقات الائتمانية) التي قد تكون مترتبة على المستفيد، ومدى إمكانية الاعتماد على مسارات الدخل الحالية والمستقبلية، ومعدل القرض إلى القيمة الأفضل، ونوع الرهن العقاري، والدخل الحقيقي القابل للإنفاق، والأصول الأخرى المملوكة. ولا نستغرب هنا إذا ما تم الحصول على حلول مغايرة من شركات الرهن العقاري المختلفة بما في ذلك خيارات السداد. وتشتمل هذه الخيارات على النوع الأكثر شيوعاَ من الرهن العقاري وهو طريقة رأس المال والفائدة (الرصيد القابل للتخفيض)، وهناك أيضاً طريقة دفعات الفائدة فقط، وطريقة الدفعات الجزئية، وطريقة الفائدة الجزئية فقط، على الرغم من أن هذه الأصناف تستخدم غالباً لأغراض استثمارية معينة فحسب.
وفي تلك الحالة يتعين الاختيار بين الرهن العقاري بالسعر الثابت أو السعر المتغير أو السعر المختلط (الثابت والمتغير). ومن جديد، علينا أن نفكر ضمن استراتيجية المدى الطويل. فإذا كان من المتوقع تغير أو ارتفاع أسعار الرهن العقاري، وفي العديد من الحالات يكون المعدل المتغير أكبر من الثابت، لذا لا بد من التخطيط السليم.
وفي المقابل، إذا كان متوقعا انخفاض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، فإن اعتماد سعر الفائدة المتغير هو الحل الأكثر منطقية ما دام الراغب بالشراء يتمتع بالمرونة في التعامل مع زيادة دفعات الرهن العقاري إذا ما خالفت أسعار الفائدة توقعاته واتجهت للارتفاع.
ولفتت الدراسة إلى أن هنالك عدد من البنود التي ينبغي دراستها في إطار مفاوضات للحصول على الرهن العقاري. وهنا يجب محاولة الحصول على إعفاء من رسوم مؤسسة التمويل العقاري، حيث تختلف هذه الرسوم من مؤسسة لأخرى، وبالإمكان توفير 3 آلاف درهم بفضل هذا الإجراء.
أيضاً، على من يرغب بالشراء طلب تفعيل بند الإعفاء من الغرامة في حال القيام بسداد الرهن العقاري بوتيرة أسرع من المقرر أو دفعة واحدة. ينص القانون على أن شركة الرهن العقاري لا يحق لها أن تستوفي أكثر من 1% من القيمة القائمة أو ما لا يتجاوز 10 آلاف درهم، لكن يجب السعي لإسقاط هذا النص من عقد الرهن العقاري مع الشركة.
وأخيراً، يجب التأكد من أن شركة التمويل العقاري سوف تسمح بالاستفادة من حقوق الملكية الناشئة على المنزل بالتزامن مع الالتزام بسداد المستحقات. سوف تكون هذه الحقوق مفيدة جداً إذا ما ازدادت قيمة العقار نتيجة لتحسن الظروف الاقتصادية أو عوامل السوق. وسوف تسمح بعض البنوك باستخدام هذه الحقوق كضمان للقروض في المستقبل. ويمكن أن يعود ذلك بالنفع على المشتري إذا ما كان راغبا في إجراء تحسينات كبيرة في المنزل أو شراء سيارة جديدة أو حتى الاستثمار في عقار آخر.
واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن العامل الأهم عند اختيار الرهن العقاري هو معرفة ما نريد بالدرجة الأولى واختيار الرهن الأكثر ملاءمة لنا على المدى الطويل بالدرجة الثانية.